كتابات

في ذكرى يوم الولاية العمل بمقتضى الإيمان بمودة أهل البيت عليهم السلام

بقلم محمد محمد الآنسي

في ذكرى يوم الولاية
العمل بمقتضى الإيمان بمودة أهل البيت عليهم السلام

بقلم / محمد محمد الآنسي
(1)
الولاية من أهم المبادئ الإسلامية
يعتبر مبدأ الولاية من أهم المبادئ في الإسلام ، والنص القرآني الذي قدم هذا المبدأ قدّمه بما يدلل على أهميته القصوى قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}
ومن حقنا أن نحتفل بهذه المناسبة العظيمة لأهميتها الدينية ولما لها من موقع عزيز في مبادئنا ، وقيمنا ، وثقافتنا.
يوم الولاية مناسبة دينية مهمة وهي شهادةٌ للرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – ببلاغه التاريخي العظيم الذي حينما بلّغه قال أمام الملأ جميعاً ( ألا هل بلّغتُ ..اللهم فاشهد ) . إننا ونحن نحيي هذه المناسبة ، وعبر الأجيال – إنما نشهد للرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- أنه بلّغ ذلك البلاغ الذي أُمر بتبليغه .
وإحياؤنا لهذه المناسبة هو تخليد لذلك البلاغ الذي أراد له الرسول – صلوات الله عليه وعلى آله – أن يبقى في أمته عبر الأجيال – تعرف به الأمة جيلاً بعد جيل – لأن بلاغات الرسول وتوجيهات الرسول التي أطلقها عامةً في أوساط أمته ، وأوساط المؤمنين والمؤمنات هي للأمة كلها عبر الأجيال ، جيلاً بعد جيل ، وخصوصاً ما يتعلق بالثوابت والأسس ، والقضايا المهمة والرئيسية التي ليست وقْتِيَّه ، ولا ظرفيه – إنما هي للأمة كلها جيلاً بعد جيل .
وهي إحياءٌ وحفاظٌ على ذلك النص المهم الذي لا خلاف عليه عند المسلمين في كافة المدارس والمذاهب والكتب الحديثية المهمة التي نقلت واقعة الغدير وبلاغ الرسول –
صلوات الله عليه وعلى آله – في يوم الولاية ؛ ذلك البلاغ التاريخي العظيم ، وذات الأهمية الكبيرة للأمة ؛ فنحن نحافظ على نصٍ نبويٍ مهمٍ يبقى متوارثاً بين أوساط الأمة – معنى ذلك أننا نحيي سنة رسول الله ، وأننا نحافظ بحق على سنة رسول الله-
صلوات الله عليه وعلى آله – وبلاغاته المهمة التي وجهها إلى أمته ، والتي يترتب عليها أمورٌ مهمة جداً في واقع حياتنا .
إن الولاية في الإسلام مبدأ مهم وأساسي واضح لا لبس فيه بعيدا عن الحساسيات المذهبية والتقولات والتشويه الذي اعتاد الآخرون ان يقدموه بطريقتهم المنحرفة في قالب صورة مشوهة مزيفة.
إن ولاية الله والتولي لله هي علاقةٌ إيمانيةٌ ، وعروةٌ وثيقةٌ يرتبط بها الإنسان المؤمن مع الله سبحانه وتعالى ، ولاية الله سبحانه وتعالى وهو الرب ، وهو الملك ،وهو الإله ، وهو الهادي ، وهو المدبّر ، ولايته لعباده المؤمنين يتولى هو رعايتهم ، وهدايتهم ، ونصرهم ، ومعونتهم ؛ إن هذه الولاية تعبّر عن طبيعية العلاقة الإيمانية ، والارتباط الوثيق بين المؤمن وبين الله – المؤمن الذي يتولى الله – يعتمد على الله – يلتجئُ إلى الله – يستعين بالله – يستنصر بالله ، وهو أيضاً يسير في واقع حياته على ضوء توجيهات الله ، وتعليمات الله ، وهداية الله سبحانه وتعالى .
هذه الولاية التي قال عنها جل شأنه اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ.. ولاية هداية ونور ونصر ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ … وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ…
(2)
العلاقة بين قوله الله تعالى : قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا وبين قوله تعالى : قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ
ثمة علاقة واضحة بشكل كبير وسهل بين قوله تعالى: (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ ) [سورة الشورى من الآية 23] وبين قوله تعالى : (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ ) [سورة سبأ الآية 47]
ومن المعلوم بأن الخالق الكريم سبحانه وتعالى قد أرشدنا ودعانا للعمل بمقتضى الإيمان وأكد على أهمية ذلك لما فيه مصلحتنا وعزتنا ونجاتنا من كل سوء وخزي في الدنيا والآخرة.
وحين نقف على واقع التسليم لله في قضية مودة أهل البيت نجد أن هناك تقصير كبير في العمل بمقتضى ما ندعيه من إيمان وهذا بحد ذاته يشكل خطورة علينا ويتطلب الأمر مواقف تقوى وتصحيح.
ولهذا نجد أن مبدأ الولاية وقضية مودة أهل البيت عليهم السلام قد جاء في الأصل تكريما لنا نحن المسلمين لكي نرتبط بقرناء القرآن بقيادات من الطاهرين الأتقياء..
الواقع يؤكد أننا لم نجد في هذا العالم أحدا مثل أهل البيت في قيادتهم المعروفة على مدى التاريخ المقترنة بالقرآن والعزة والكرامة والنصر والغلبة على كل الطواغيت والمجرمين والظالمين.
إن مبدأ الولاية يربطنا بالرسول الكريم وب علي بن ابي طالب ويربطنا بمدرسة
الإسلام الكبرى والعظيمة يربطنا بالقيم والمبادئ الأخلاقية العظيمة، يربطنا بالإنتصار والغلبة والعزة أمام الطواغيت المعتدين أمام المفسدين الظالمين،
إن مبدأ الولاية يربطنا بالشموخ ويشدنا إلى المعالي والمروءة والنبل والفضيلة.

لقد جاء النبوي في الولاية بعد ذلك الأمر الإلهي بتقديم البلاغ التاريخي وهو على مقربة – لم يبق بعدها إلاّ عدة أشهر حتى توفاه الله ؛ فإذا به وبعد الترتيبات المتميزة والإستثنائية في ذلك اليوم لجمع الحجيج وهم عشرات الآلاف ، وبعد أن رُصّت له أقتاب الإبل صعد عليها ومعه عليٌ -عليه السلام- ونادى والناس صامتون ، وكلهم يترقب الموقف ، وكلهم يتأمل المشهد ، وكلهم يصغي ، وقدّم مقدمةً في خطبته المهمة والتاريخية . ثم حينما وصل إلى الموضوع الأهم والمقصود قال -صلوات الله عليه وعلى آله – يا أيها الناس إن الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه ، اللهم والِ من والآه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ) وهذا النص هو مما أجمعت الأمة عليه ، وتلقته بالقبول ، وهو متواترٌ بين أوساط الأمة ، وبقي بينها جيلاً بعد جيل تتوارثه في مجاميعها الحديثية المهمة .

الإمام علي بما هو عليه من مؤهلاتٍ إيمانية عالية -باعتباره هو الأكمل إيماناً والأرقى ، والذي يمكن أن يقوم بهذا الدور المهم في أوساط الأمة بعد رحيل الرسول ( صلوات الله عليه وعلى آله ) رجلاً عظيماً في مستوى المسؤولية الكبيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى